يفصل نهر أبي رقراق بين مدينتي الرباط وسلا، ويجمع بينهما التاريخ والجغرافيا. وينتظر بعد تهيئة ضفتي النهر، وفق تصميم هندسي راق، أن تصبح العاصمة الرباط نموذجا عالميا كما تريد لها الحكومة، من أجل تفعيل سياحي واقتصادي، ومن أجل جمالية تضيف لتاريخ المدينة وتراثها وثقافتها الكثير. وقد شهدت المدينتان المتجاورتان منذ قرون بعيدة، الرباط عاصمة المملكة المغربية، ومدينة سلا المجاورة لها، والواقفة قبالتها بشموخ، ازدهارا وعمرانا متفاوتين، عبر محطات التاريخ الإسلامي تقع مدينة سلا على الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق، على اليمين من مصبه في المحيط الأطلسي، وتتلفت لقبلتها التاريخية والجغرافية مدينة الرباط. وتعود بدايات المدينة، حسب المؤرخين، إلى العهد الموحدي. وشهدت المدينة عنفوانها وازدهارها في تلك الحقبة، وقد شيد فيها يعقوب المنصور الموحدي المسجد الأعظم عام 1196م، غير أن المدينة لقيت حفاوة أشد في عهد المرينيين، الذين جعلوا من هذه المدينة منافسا لـ"رباط الفتح" التي أسسها الموحدون، وكانت رمزا لهم. إذ أسس المرينيون إلى جانب المسجد الأعظم، وبملاصقة له، المدرسة المرينية، وقد شيدها أبو الحسن المريني عام 1341، كأنما ليحاكي بها الحضور الموحدي من خلال الجامع الأعظم. كما زودت المدينة خلال هذه الحقبة بسور الأقواس، أو سور الماء العظيم، الذي أنشئ بطريقة هندسية بديعة، لتزويد المدينة بالماء. وعرفت البنايات المنشأة آنذاك بمؤثرات هندسية أندلسية. تعد مدينة سلا طيلة التاريخ الإسلامي نقطة عبور مهمة بين مدن وعواصم إسلامية حكمت المغرب، مثل فاس ومراكش. وبفضل وجود مرسى على سواحل المدينة، فقد غدت بذلك مركزا للتبادل التجاري بين المغرب وأوروبا، إلى حدود القرن التاسع عشر الميلادي. هذا تاريخيا أما الآن فمدينة سلا تقف على عتبات نهضة أخرى مرتقبة بعد الانتهاء من أشغال تهيئة ضفتي واد أبي رقراق حيث ستنشأ العديد من المركبات السياحية التي ستعيد لهذه المدينة حقها. لتزور مدينة سلا حاليا تكفيك ساعة واحدة للتجول في مختلف آثارها و معالمها السياحية التاريخية سأحاول من خلال الموضوع أخذكم في جولة قصيرة لهذه المدينة العريقة الضاربة في القدم. إذا كنت بالعاصمة الرباط فتستطيع الوصول لمدينة سلا عبر القطار في 5 دقائق بعشرة دراهم فقط أو عبر السيارة أو التكاسي الكبيرة مرورا بالقنطرة الحسنية و هو الجسر الرابط بين المدينتين و يشهد يوميا مرور 350 ألف مواطن هذا الجسر الذي سيتم تجديده بالكامل في إطار مشروع أبي رقراق كما تستطيع استعمال القارب أو الفلوكة كما يطلق عليه السلاويون سكان سلاويون يتوجهون لمدينة الرباط عبر القارب (الفلوكة) و هي وسيلة نقل قديمة لازالت محافظة على وجودها رغم تطور وسائل النقل و الثمن جد بسيط درهم و نصف فقط :109: عندما ستصل إلى مدينة سلا ستجد في استقبالك السور التاريخي الذي يحيط بالمدينة بأكملها , هذا السور الذي تخترقه عدة أبواب لكل باب منها تسميته : باب المريسة و سمي بهذا الإسم نظرا لأن المياه كانت تغمر هذا المكان و كانت السفن ترسي عند هذا الباب و هو يعتبر من أقدم الأبواب بالمدينة و يستغل الآن في بعض الأنشطة الثقافية التي تنظم في إطار مهرجان المدينة أو مهرجان سينما المرأة و من أشهر الأبواب بمدينة سلا باب بوحاجة , باب شعفة , باب سبتة , و الكثير من الأبواب التي تحيط بالمدينة حيث كانت تقفل عند اقتراب أذان المغرب حماية للمدينة . باب شعفة باب سبتة و سمي بذلك لأن الذاهب إلى مدينة سبتة انطلاقا من مدينة سلا كان لابد أن يمر عبر هذا الباب من أشهر المآثر التاريخية بالمدينة المدرسة المرينية التي شيدها السلطان أبو الحسن علي بن السلطان أبي سعيد المريني و سأفرد تقريرا خاصا و مفصلا حول هذه المعلمة التاريخية مستقبلا بإذن الله . لابد للزائر لمدينة سلا أن يستوقفه المسجد الأعظم هذا المسجد الذي شيد عام 420 هجرية اي منذ أكثر من ألف عام و لاظل شاهدا رغم قساوة الزمن و الظروف الطبيعية و الآن المسجد يشهد إصلاحات جذرية صومعة المسجد الأعظم يبلغ ارتفاعها حوالي العشرين مترا و هو يعادل في ذلك مساحة قاعدته المربعة صحن المسجد حيث توجد ساعتان إحداهما شمسية و الأخرى قمرية و نشاهد روعة الفسيفساء الذي ظل محافظا على طابعه رغم مرور العديد من القرون المحراب و بجانبه منبر خطبة الجمعة الذي يتم اخراجه و إدخاله كل جمعة عبر سكة مصنوعة بدقة وعناية ثريا مغربية تقليدية صنعت بفاس و نجد هذا الشكل في أغلب المساجد و القصور و الدور القديمة بالقرب من المسجد الأعظم يوجد ضريح الولي الصالح عبد الله بن حسون و هو رجل اشتهر بالصلاح و الوقار في زمنه ضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون هذا الضريح الذي يشتهر حفدته الآن بتنظيم موسم دور الشموع أيام ذكرى المولد النبوي صورة قبل انطلاق الموكب الذي يحمل الشموع حيث سيمر الموكب بمختلف أحياء مدينة سلا في المقابل للضريح يلوح لك من قريب المحيط الأطلسي بمياهه الصافية حيث تستطيع مشاهدة صفاء المياه رغم وجود السور المريني الذي شكل حماية للمدينة قديما من مختلف الهجمات البحرية كما يوجد بالقرب منه البرج الركني حيث مكان حراس المدينة و الان أصبح متحفا لبعض الأدوات الحربية القديمة التي اشتهر بها قراصنة سلا باب البرج صورة من أعلى البرج و يلاحظ مكان وضع المدافع أصبح شاغرا بعد أن تم إدخالها للمتحف الرياحات و هي عبارة عن نوافذ كبيرة نوعا ما توجد بأعلى الصور و تسمح بدخول الريح و الهواء ليس بمدينة سلا الكثير من المركبات السياحية حاليا نظرا لقربها من الرباط حيث لا نكاد نذكر سوى مركب الداوليز الذي يوجد به فندق و مطعم و بعض المقاهي و قاعة سينما إضافة إلى ماجيك بارك الخاص بالأطفال يمكن لعشاق الشاطئ التوجه لشاطي مدينة سلا أو شاطئ الأمم أو إحدى الشواطئ الأخرى القريبة و التي يصعب حصرها لكن يبقى أشهر شواطء المنطقة هما شاطئ سلا و شاطئ الأمم شاطئ سلا الذي لن يبقى طويلا على حاله حيث سيتم تغيير شكله بسبب أشغال تأهيل ضفتي أبي رقرارق عندما تذكر مدينة سلا فإنك تذكر العلم و العلماء فسلا تشتهر و منذ القدم باحتضانها للعلماء من كل صوب فقد حل بها لسان الدين ابن الخطيب و سكن بها مدة طويلة و دفن زوجته ببيته بدرب الشماخ بالمدينة القديمة و مسكنه لازال معروفا إلى الآن كما اهتم سكان سلا بالكتب و أسسوا المكتبات الخاصة والعامة و من أشهرها على الاطلاق الخزانة الصبيحية التي حبسها المرحوم محمد الصبيحي و لازالت لحد الآن تحتضن آلاف الكتب النفيسة و هي مفتوحة في وجه العموم من الطلبة و الباحثين الخزانة الصبيحية من أشهر المكتبات بسلا و المغرب في الختام أتمنى أن أكون قد وفقت في التعريف بهذه المدينة و لو بشكل بسيط :101: منظر غروب الشمس على ضفة واد أبي رقراق |
في كل عام، و في الحادي عشر من ربيع الأول، تحتفل مدينة سلا بذكرى مولد النبوي الشريف سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام، مجسدة ذلك بإقامة موكب الشموع، موكب من رآه أول مرة يحسبه كرنافالا، حيث يصطف عدد كبير من الرجال حاملين على أجسادهم شموعا ضخمة، هي عبارة عن هياكل خشبية كبيرة من الخشب السميك و مزينة بالشمع الملون، مشكلة بذلك زخرفة إسلامية فريدة يتراوح وزنها ما بين 15 و 50 كغم، يقومون بالطواف بها وسط المدينة العتيقة محققين بذلك فرجة للزوار و العامة
قصة موكب الشموع :
«موسم الشموع» تقليد ديني سنوي قديم يضرب بجذوره بعيدا في عمق تربة التاريخ الإسلامي. فقد كان أحد ملوك المغرب، وهو الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي في زيارة إلى اسطنبول، فأثار إعجابه ما كانت تشهده من أجواء احتفالية تتمثل باستعراض الشموع في مواكب شعبية. وبقيت الفكرة راسخة في ذهنه بعد عودته. وما إن وضعت معركة «وادي المخازن» الشهيرة أوزارها، حتى سعى إلى تنفيذ هذا الحلم الذي كان يراوده. وهكذا استدعى أمهر صناع الشموع في كل من مراكش وسلا وفاس من أجل هدف واحد، هو صناعة هياكل شمعية على غرار ما شاهده في تركيا. وجرى الاحتفال الاول عام 986هـ. ومنذ ذلك التاريخ ظلت مدينة سلا محافظة على هذا الموعد السنوي مع طقسها الثقافي والديني والشعبي الخاص. تتهيأ له جيدا، وكأنها عروس تستعد لاستقبال عريسها، بما يليق به من حفاوة وزينة وبهاء! وفي كل عام جرت العادة بأن تبدأ الاستعدادات على قدم وساق، لتنظيم موسم الشموع الذي يعتبر فرصة سانحة للصناع التقليديين للتباري فيما بينهم وإبراز مواهبهم في الخلق والابتكار.
لنرى الصور :
حاملو الشموع يتوجهون نحو ضريح سيدي عبد الله بن حسون، حيث تعلق الشموع في سقفه، في المساء تتابع رقصة الشمعة على إيقاعات الموسيقى الأندلسية و الأمداح النبوية و ذلك عبر تحريكها بواسطة حبال طويلة وسط جو احتفالي بهيج.
الضريح سيدي عبد الله بن حسون :
اتمنى ان ينال اعجابكم
بنت السمارة
نورة
عدل سابقا من قبل Noura في الخميس سبتمبر 09, 2010 10:41 am عدل 2 مرات